Accueil / Actualité / الإنجراف الأردوغاني الإسلاماوي والعثماني الجديد

الإنجراف الأردوغاني الإسلاماوي والعثماني الجديد

Publié le

قبرص، أرمينيا، القرم، اليونان، ليبيا، سوريا، العراق، مصر، تونس، البلقان، أوروبا…

كيف تحول أردوغان من حليف للغرب الى تهديد عالمي؟

ندوة المركز الدولي للدراسات الجيوسياسية والاستشرافية

بقصر المؤتمرات – دار الكيمياء بباريس

يوم السبت 29 فبراير 2020

الملخص

يعتبر مركزنا الدولي للدراسات الجيوسياسية والاستشرافية من أوائل مراكزالبحث في فرنسا الذي دق ناقوس الخطر بشأن طموحات الرئيس التركي أردوغان الإسلامية الإمبريالية وتأثيراتها السلبية على الاستقرار والسلام ليس في العالم العربي والاسلامي فحسب ولكن في الغرب أيضًا

فقد نظمنا يوم 15 أكتوبر 2016 في باريس ، ندوة بعنوان «تركيا والغرب والعالم العربي: تداعيات السياسة التركية على المتغيرات الجيوسياسية والتحديات الاستراتيجية المعاصرة الكبرى»  (انظر موقعنا الرسمي) ، جمعنا فيها أفضل الخبراء العرب والأوروبيين الذين قاموا بتحليل الأسس الأيديولوجية للنظام التركي بالإضافة إلى استراتيجية التزكية الحثيثة والتوسعية التي طبقها رجب طيب أردوغان للبقاء في السلطة وتوسيع نفوذه على العالم العربي

تسعى ندوتنا الثانية هذه الى كشف المخاطر المتعددة والمحدقة التي تمثلها تركيا بالنسبة للعام العربي وأوروبا على حد السواء، والى تنبيه الدول المعنية العربية والغربية الى الضرورة الملحة لاستشراف حلول سياسية وجيو- استراتيجية واقتصادية وأمنية وحتى عسكرية للتحديات التالية

قبرص دولة أوروبية مهددة من قبل تركيا على خلفية سباق النفط

منذ سنة 1974 وقعت قبرص ضحية التقسيم والاحتلال المباشر للثلث الشمالي لأراضيها من قبل القوات التركية في تحد صارخ للشرعية الدولية والاتفاقيات الأممية. فبعد نزوح السكان والتغيير الديموغرافي الذي تضمن استبدال السكان الأصليين بـ«المستوطنين» الأتراك  الذين قدموا من تركيا، أعلنت جمهورية شمال قبرص التركية استقلالها في عام 1983

وفي السنوات الاخيرة اشعل اكتشاف حقل أفروديت للبترول والغاز العملاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط منذ عام 1999 ، التوترات بين أنقرة ونيقوسيا. وفي إسرائيل ولبنان وسوريا ومصر كذلك

بيد أن أردوغان تحدى المجتمع الدولي، رغم تحذيرات واشنطن والاتحاد الأوروبي ، بإرسال سفن حفر قبالة سواحل قبرص ، مما أثار رد فعل قاسي من الرئاسة القبرصية: «تستمر تركيا باتباع طريق الا شرعية دولية … وتحويل نفسها إلى دولة قرصانة في شرق البحر الأبيض المتوسط» (بيان صحفي من الرئاسة القبرصية في 19 يناير 2020

اليونان الخصم الأزلي والعدو المباشر

يعود الصراع بين مهد الحضارة الغربية (اليونان) والمركز العصبي الجديد لمنظمة الإخوان المسلمين (تركيا) إلى أعماق التاريخ. فاليونان مثل تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي كذلك ، لكن ينظر أردوغان إلى اليونان على كونها عدو تاريخي

هدد أردوغان اليونان بشكل علني بغزو جزرها التي تطالب بها تركيا في بحر ايجه. وقد أرسل قبل ذلك ببضع أشهر سفينة حربية تركية لتهديد منشآت التنقيب عن الغاز والبترول لشركة ايني الايطالية في سواحل قبرص. ،انتقدت تركيا اليونان بشدة خلال المؤتمر الدولي حول ليبيا لاستقبالها رجل شرق ليبيا القوي المشير خليفة حفتر في اليوم الذي سبق المؤتمر. وهو الزعيم الليبي الذي يسيطر على أكثر من 75 ٪ من الأراضي الليبية والتي تدعمه مصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا وفرنسا. فيما دخلت العلاقات اليونانية التركية مرة أخرى في اختبار صعب بعد التوقيع في نوفمبر 2019 على اتفاقية بحرية وعسكرية مثيرة للجدل بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني والتي يعارضها الزعيم خليفة حفتر

هل تصبح ليبيا القاعدة الجهادية العالمية المستقبلية تحت قيادة تركيا

لتأكيد طموحاته التوسعية ولتغطية عمليات القرصنة على الحقول الغازية بإضفاء نوع من «الشرعية »؛ سارع السلطان التركي المستبد في 27 نوفمبر 2019 الى عقد اتفاق مع حكومة ما يسمى بالوفاق الوطني التابعة لفائز السراج ، لترسيم الحدود البحرية المتنازع عليه بهدف تأكيد «حقوقه» على مناطق واسعة في شرق البحر المتوسط

أظهر الرئيس التركي طبيعته الحقيقية كدكتاتور إسلاماوي قومي داخل بلاده وكخليفة عثماني جديد نحو العالم العربي والاسلامي. وساهم في أوائل يناير عام 2020 في تصويت اقتراح في البرلمان التركي يأذن له بإرسال جنود و مرتزقة إلى ليبيا ، بل اتخذ خطوة أعلى نحو تصعيد مسلح يهدد بإشعال المنطقة بأسرها  ،تبدأ من دول الحدود (مصر ، الجزائر ، تونس ، السودان ، تشاد ، النيجر).

ووفق تقارير سرية وصل بالفعل ما يقرب من ألف جهادياً سورياً إلى ليبيا عن طريق الجو. وقد وفرت هذا النقل شركتان: الخطوط الجوية الأفريقية وشركة الاجنحة التي يمتلكها الإرهابي السابق لتنظيم القاعدة في العراق ، الليبي عبد الحكيم بلحاج ، « الحاكم العسكري لطرابلس » بعد سقوط القذافي في عام 2011 ، والذي يقيم بتركيا منذ سنوات

سوريا ، بلد مدمر ولكن محرّر تهدد تركيا أمنه واستقراره

مع مشيخة قطر لعبت تركيا الدور الاكبر في تدمير سوريا عبر أربع طرق: لكونها راعية لجماعة الإخوان المسلمين التي أرادت أن تتولى السلطة في سوريا ، وعن طريق إيصال الأسلحة إلى مختلف الفصائل الإسلامية والإرهابية ، وبالتدخل المباشر والعسكري في النزاع السوري ، ومن خلال تنظيم وتجنيد آلاف الإرهابيين الجهاديين الأجانب عبر حدودها مع سوريا وقد كان التونسيون أكبر فيالق جيشها الارهابي

في الواقع ، يلبي التواجد التركي في الأراضي السورية نفس استراتيجية الاحتلال وإعادة التوطين المطبقة سابقًا في الحالة القبرصية. لكن أي نزاع مباشر بين الجيشين السوري والتركي قد يؤدي إلى جر قوى أخرى ، إما أحادية الجانب (بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا) ، أو إشراك جميع الدول الأعضاء في الناتو (28 دولة بما فيها تركيا)

تونس بلد تحت القوة الناعمة العثمانية

في يناير 2011 ،غدت تونس ، تحت هيمنة القوة الناعمة العثمانية منذ سقوطها ، تسربت تركيا تحت غطاء زائف «الإسلام المعتدل»، بتوصيات باراك حسين أوباما والتي اعتمدتها جميع العواصم الأوروبية

كان «النموذج التركي الجيد» في ذروته ،برعاية ودعم قطر ،الحليف الاستراتيجي لجماعة الإخوان المسلمين ، منذ ذلك الحين وحركة النهضة – الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين – في قلب السلطة حيث لم يكن أحد يملك القرار، ولا اعتماد أي قانون دون إذن مسبق من راشد الغنوشي. في الوقت التي اشتعلت فيه وسائل الإعلام الغربية بترديد الأسطورة القاتلة أن تونس هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي نجحت في ربيعها العربي!

أثبتت الصداقة التركية التونسية والتطابق في وجهات النظر أنها أكثر خطورة. سيماً تحت رئاسة المنصف المرزوقي الكارثية والمؤقتة (2011-2014) حيث تم تصدير عدة آلاف من المرشحين للجهاد إلى سوريا عبر الحدود التركية ، مما يجعل تونس ، وفقًا لتصنيف الأمم المتحدة ، أول دولة موردة لدواعش في سوريا والعراق.

مصر، القوة الإقليمية الوحيدة القادرة على ردع التوسع التركي

تخلى أردوغان عن حلم  السلطنة بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسًا لمصر. ومنذ ذلك الحين ، لجأت المعارضة الإسلاماوية المصرية برمتها إلى تركيا وتلقت الدعم والرعاية، حيث تواصل تنفيذ أعمالها التخريبية لزعزعة استقرار الدولة المصرية للغرض نفسه

في الواقع، لدى أردوغان أسباب أخرى لعداء مصر. ففي المياه الإقليمية المصرية ، يوجد « الظهر » أكبر حقول الغاز تم اكتشافه في شرق البحر الأبيض المتوسط  سنة 2015 من قبل شركة إيني الايطالية ، يبعد نحو 200 كيلومتر شمال بورسعيد. وهو من أكبر الحقول المكتشفه في الفضاء المتوسطي والاحتياطي المؤكد 30 تريليون قدم مكعب.. وقد وقعت القاهرة اتفاقية ثلاثية أبرمتها مع اليونان وقبرص. وهو ما أغضب أردوغان الذي يدعي أنه يتمتع بحقوق في المنطقة بسبب احتلاله لشمال قبرص. ففي فبراير 2018، بدأت البحرية التركية مناوراتها في المنطقة. فتم الاشتباك بزورق سريع لخفر السواحل اليوناني وحصلت مطاردة سفينة لنقل النفط للشركة الايطالية ايني من قبل أنقرة . فتحركت حاملة طائرات الهليكوبتر المسترال أنور السادات وعدة قطع بحرية  مصرية أخرى ، بما في ذلك الغواصات من ميناء الإسكندرية للدفاع عن حقل الظهر. يرابط اليوم أقوى سلاحين بحريين في شرق البحر المتوسط ، ألا وهما المصري والتركي مع كل المخاطر التي يمكن تخيلها

البلقان ، حصان طروادة أردوغان في أوروبا

 كانت تركيا منذ عهد الإمبراطورية العثمانية مهتمة بالبلقان وبأوروبا الوسطى. كما هو الحال في سوريا وقبرص وبحر إيجة وفي العراق والقوقاز. للدفاع عن مصالحها الحيوية والاستراتيجية والاقتصادية والدينية والثقافية. في محاولة لإعادة الاستيلاء على أوروبا المسيحية  وهو فكر «استعماري اخواني». فالبوسنة والهرسك التي كانت عثمانية تركية ، تتألف من ثلث المسلمين البوسنيين والتي تعتبر شريكًا سياسيًا طبيعيًا لتركيا خاصة بعد انهيار يوغوسلافيا السابقة في التسعينيات

إلى جانب القوة الناعمة الثقافية والدينية  التركية وتطوير مشاريع التعليم والتنمية الاقتصادية التركية ،فإن النشاط العثماني الجديد بين مسلمي البوسنة والأقليات السلافية الأخرى في البلقان ثم بين المسلمين في ألبانيا وكوسوفو ومقدونيا.  إن النشاط التركي العثماني والإسلامي، وقد يكلف الدول الغربية ثمناً باهضاً عندما تنضم البوسنة وألبانيا ومقدونيا وخاصة كوسوفو إلى الاتحاد الأوروبي

نقاط ضعف أوروبا أمام تركيا

العلاقات المشبوهة ،بات القادة الأوروبيون يدركون بأن النظام التركي قد نسج علاقات وثيقة مع المنظمات الارهابية في العالم بما في ذلك داعش فقد صرح الرئيس الفرنسي ماكرون بوضوح خلال مؤتمره المشترك مع دونالد ترامب في لندن يوم 3 ديسمبر 2019: «عندما أتأمل تركيا، فإنها تحارب الآن الأكراد الذين قاتلوا معنا ضد داعش وتتحالف احيانا مع وسطاء داعش، إنها مشكلة استراتيجية، فالعدو المشترك اليوم هي الجماعات الإرهابية، وأنا آسف لملاحظة أنه ليس لدينا نفس التعريف للإرهاب».  سواء كان ذلك في الأراضي السورية الخاضعة لسيطرته أو على حدوده، أحتى في ليبيا، فإن لدى أردوغان مجموعة من الإرهابيين تخشاها الدول الأوروبية بحق

الهجرة غير الشرعية ، فعلى  الرغم من الإعانات الضخمة التي تتلقاها تركيا من الاتحاد الأوروبي لمراقبة حدودها ، فإن النظام التركي يهدد بانتظام بفتح بوابات الهجرة لأوروبا. حيث يحتجز أردوغان حوالي 4 ملايين لاجئاً سورياً يمكنه اطلاقهم نحو أوروبا في أي وقت

الجالية التركية وملايين المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإسبانيا واليونان والدنمارك وهولندا. توجد خلايا اسلاماوية نائمة في أوروبا تعتبر قنابل موقوتة، لقد تلونت في الأونة  الاتحادات والمنظمات الاسلامية بصبغات تركية وغدت حالياً الأكثر تمثيلا في مجالس الإدارة. ومنذ العقد الماضي ،أصبح الإسلام أداة دبلوماسية لتركيا في أوروبا

صاروخا نوويا في يد أوردغان، إن الوجود الإشكالي للغاية لـ 50 رأساً أمريكيةً حربيةً نوويةً  تكتيكيةً في قاعدة إنجرليك العسكرية الأمريكية بتركيا. قد ينوي أردوغان استخدامها كمحطة استراتيجية أمنية باحتجازها كرهينة… تقع قاعدة انجرليك، على بعد 110 كم من سوريا، هي موطن آمن للقنابل النووية الحرارية B61، والتي تستخدمها الولايات المتحدة بالتأكيد لردع روسيا ولإثبات الالتزام بحلف شمال الأطلسي، ولكن التقارب التكتيكي الأخير يجعل الرؤية الاستراتيجية الأصلية غير واضحة. وهذا يشكل كابوساً استراتيجياً حقيقياً للحلف الأطلسي ولواشنطن معاً…

قد تقرع طبول الحرب

سواء التحرك التركي في قبرص أو اليونان أو ليبيا أو سوريا أو العراق أو مصر أو البلقان أو حتى داخل أوروبا ،مع إضافة تونس وغزة وجنوب الصحراء وأفريقيا الكبرى، بات النظام التركي يشكل تهديدًا شاملاً لزعزعة الاستقرار العالمي، إما بالتدخل المباشر، كما هو الحال في سوريا أو ليبيا؛ أوعن طريق استضافة مختلف أصناف المنظمات الاسلاماوية أوعن طريق تشغيل الإرهابيين الخاضعين لسيطرتها؛ وإما عن طريق استخدام ملايين المهاجرين غير الشرعيين كوسيلة ضغط على الاتحاد الاوروبي وإما من خلال تأثيرها الأيديولوجي والسياسي على مختلف الجمعيات التي تمثل المسلمين في أوروبا

 سوف يسلط مؤتمرنا الضوء على كل هذه التحديات السياسية والجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في الدول المعنية ، سواء العربية أو الغربية، لاستخلاص النتائج وتقديم الإجابات لردع النظام التركي التوسعي والإخواني

الدكتور مازري حداد

رئيس مركز CIGPA

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Top